الاثنين، 1 أبريل 2013

((المواطنة ))ـــــــــ إعداد الاستاذ// رمضان



1ـ ما المواطنة ؟:
 بما أن المنبت الحقيقي للمصطلح على المستوى اللغوي غربي وفق ما ذهب إليه أكثر من مختص في المواطنة وأكثر من باحث في شأنها، فقد اختلف فيه اختلافا كبيرا في التحديد والحصر غير أن أساسيات منطلقه البنيوية والمعنمية توحدهم فضلا الحمولة المفاهيمية التي تحيل عليها. والمواطنة تعتبر ( من المفاهيم الحضارية التي افرزها الفكر الحديث من خلال النتاج الفكري للإنسان والذي هو عماد وأساس هذا المفهوم وأيضا من خلال تراكم المنجزات الحضارية في الجانب العملي التطبيقي, عندما حَوّلَ المفاهيم المجردة إلى نظرية عمل تكللت هذه النظريات بمنجزات حية ساهمت في رفع شأن الإنسان وجعلته قيمة عليا. حيث الإنسان هو معيار الحضارة ) . وهذا المصطلح سيتم تحديده في مستويات ثلاث متلازمة هي: المستوى اللغوي والمستوى الاصطلاحي والمستوى الإجرائي.
  2-  المستوى اللغوي:
 فالبحث في المعجم اللغوي العربي يفيد أن لفظة " المواطنة " واردة من مزيد الثلاثي الخام المعجمي ( و ط ن ) من خلال الثلاثي المزيد بالألف من وطن، حيث نقول واطن من وطن ،و ( الوطن: المنزل تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحله
  -  - وقد أفاد المنجد في اللغة والأعلام من هذه المعاني ونقلها في قوله: ( وطن: يطن وطنا بالمكان: أقام به. وطّن نفسه على الأمر وللأمر: هيأها لفعله وحملها عليه / و ـ البلد: اتخذه وطنا
- والمواطنة آتية من مزيد وطن بالألف " واطن " والذي يعني الموافقة والمصداقة على الأمر
المستوى الاصطلاحي
رأى البعض  أنها المساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد، ومنهم من رأى أنها خلق المواطن الصالح، وآخرون قالوا أن المواطنة هي
 رديف للديمقراطية، ومنهم من رأى حقه المشروع في إدارة شؤون الدولة والمشاركة السياسية وحق تقرير المصير، و ما لا يختلف عليه اثنان أن المواطنة هي جملة من القيم المعيارية تمثل حق الإنسان في الحياة الآمنة الكريمة وفي العدالة والمساواة في الحقوق الاجتماعية لكل فرد في المجتمع بصرف النظر عن جنسه أو دينه أو مذهبه، وكذا حقه في التعبير عن رأيه وانتخاب من يمثله على قمة السلطة السياسية في وطنه 
ـ المواطنة بشكل بسيط وبدون تعقيد هي انتماء الإنسان إلى بقعة أرض ،أي الإنسان الذي يستقر بشكل ثابت داخل الدولة أو يحمل جنسيتها ويكون مشاركاً في الحكم ويخضع للقوانين الصادرة عنها ويتمتع بشكل متساوي مع بقية المواطنين بمجموعة من الحقوق ويلتزم بأداء مجموعة من الواجبات تجاه الدولة التي ينتمي لها
ـ المواطنة قانونيا هي اكتساب جنسية ما، مع التمتع الكامل بحقوقها السياسية والمدنية وتأدية واجبات معينة تجاه الدولة. ـ فالمواطنة حقوق وواجبات، ومبادرة الإنسان ومسؤوليته تجاه نفسه وتجاه الجماعة التي ينتمي إليها، وهذه الحقوق والواجبات لا تمارس إلا في مجتمع عادل وديمقراطي يحرص على المساواة وتكافؤ الفرص وتحمّل أعباء التضحية من أجل ترسيخ هذه المبادئ وحمايتها وفتح آفاق تحسين ممارستها برؤية تتطلع إلى المستقبل وبحماس لا تطغى فيه العاطفة على العقل والحكمة
ـ للمواطنة كمفهوم، مرتبط بمكونات الدولة، دلالات جغرافية " الإقامة بشكل مستمر في بقعة جغرافية محددة تشكل إقليم لدولة معينة
ـ عرفت دائرة المعارف البريطانية المواطنة بأنها " علاقة بين
 فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة
أهمية المواطنة
ـ تحفظ على المواطن حقوقه المختلفة وتوجب عليه واجبات تجاه دولته، بمعنى أنها تحفظ على الدولة حقوقها تجاه المواطنين
ـ تضمن المساواة والعدل والإنصاف بين المواطنين أمام القانون وخدمات المؤسسات، وأمام الوظيفة العمومية والمناصب في الدولة، وأمام المشاركة في المسؤوليات على قدم ومساواة، وأمام توزيع الثروات العامة، وكذلك أمام الواجبات من دفع الضرائب والخدمة العسكرية والمحافظة على الوطن والدفاع عنه
تعترف بالتنوع والتعدد العقدي والعرقي واللغوي والإيديولوجيا والسياسي والثقافي والطائفي والاقتصادي والاجتماعي
ـ تضمن حقوق الإنسان في المجتمع والوطن والدولة؛ لكونها تنقل الحق الإنساني إلى حق للمواطنة عبر تشريعه وتقنينه
ـ تؤدي إلى بناء نظام سياسي مدني تعددي متنوع في العرق والمؤسسات ( الأسرة، العائلة، القبيلة، الحزب، النقابة، … ) والثقافة والإيديولوجيا والدين
حقوق المواطنة:
للمواطن حقوق مختلفة تتمثل في المجال المدني والمجال السياسي والمجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفكري وغيرها.
1- الحقوق المدنية
 وهي مجموعة من الحقوق تتمثل في حق المواطن في الحياة وعدم إخضاعه للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الإحاطة بالكرامة وعدم إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أي مواطن دون رضاه ، وعدم استرقاق أحد والاعتراف بحرية كل مواطن طالما لا تخالف القوانين ولا تتعارض مع حرية آخرين ، وحق كل مواطن في الأمان على شخصه وعدم اعتقاله أو توقيفه تعسفياً ، وحق كل مواطن في الملكية الخاصة ، وحقه في حرية التنقل وحرية اختيار مكان إقامته داخل حدود الدولة ومغادرتها والعودة إليها وحق كل مواطن في المساواة أمام القانون ، وحقه في أن يعترف له بالشخصية القانونية وعدم التدخل في خصوصية المواطن أو في شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته وحق كل مواطن في حماية القانون له ، وحقه في حرية الفكر ، والوجدان والدين واعتناق الآراء وحرية التعبير وفق النظام والقانون وحق كل طفل في اكتساب جنسيته.
 2 - الحقوق السياسية:
وتتمثل هذه الحقوق بحق الانتخابات في السلطة التشريعية والسلطات المحلية والبلديات والترشيح ، وحق كل مواطن بالعضوية في الأحزاب وتنظيم حركات وجمعيات ومحاولة التأثير على القرار السياسي وشكل اتخاذه من خلال الحصول على المعلومات ضمن القانون والحق في تقلد الوظائف العامة في الدولة والحق في التجمع السلمي.
3 – الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
 وتتمثل الحقوق الاقتصادية أساسا بحق كل مواطن في العمل والحق في العمل في ظروف منصفة والحرية النقابية من حيث النقابات والانضمام إليها والحق في الإضراب ، وتتمثل الحقوق الاجتماعية بحق كل مواطن بحد أدنى من الرفاه الاجتماعي والاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية والحق في الرعاية الصحية والحق في الغداء الكافي والحق في التامين الاجتماعي والحق في المسكن والحق في المساعدة والحق في التنمية والحق في بيئة نظيفة والحق في الخدمات كافية لكل مواطن ، وتتمثل الحقوق الثقافية بحق كل مواطن بالتعليم والثقافة ) .
 وهي نفس الحقوق التي أوردها الأستاذ علي وتوت في قوله: ( تتمثل أهم حقوق المواطنة فضلاً عن المساواة القانونية بمجموعة الحقوق الآتية: 1 ) الحق في السلامة الجسدية ، الحق في العمل ، الحق في السكن ، حق التعليم ، الحق في دعم ورعاية الدولة ، الحق في الخدمات الصحية ،حق اللجوء إلى القضاء ، الحق في الملكية: الحق في التصرف ،الحق في الخصوصية ،حق اللغة.

مفهوم الانتماء
الانتماء هو شعور ذاتي لدى الفرد يدرك من خلاله أنه جزء من الوطن ينتمي إليه بحكم الولادة على أرضه وارتباطه به بوشائج متعددة : اللغة والتاريخ والمصالح المشتركة .... الخ

- يشير مفهوم الانتماء إلى الانتساب لكيان ما يكون الفرد متوحداً معه مندمجاً فيه ، باعتباره عضواً مقبولاً وله شرف الانتساب إليه ، ويشعر بالأمان فيه ، وقد يكون هذا الكيان جماعة ، طبقة ، وطن ، وهذا يعني تداخل الولاء مع الانتماء والذي يعبر الفرد من خلاله عن مشاعره تجاه الكيان الذي ينتمي إليه
الولاء
الولاء فهو يعني ترجمة الشعور بالانتماء على أرضية العمل والسلوك الفردي والجماعي للمواطنين وبما يعني الاخلاص في العمل للوطن والتفاني من أجله مع استعداده للتضحية في سبيل ذلك بدمه عندما يطلب الأمر ذلك .‏
وأن ترقى مصلحة الوطن فوق مصلحته الذاتية الى جانب احترام قوانين الدولة والالتزام بالقيم المعنوية والأخلاقية والأعراف السائدة في المجتمع مع الاعتراف والتسليم بسيادة الدولة‏
مقومات المواطنة الصالحة
ومن أهم مقومات المواطنة الصالحة في المواطن:
-
حب الوطن والانتماء له، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، وحب العمل من أجل الوطن ودفع الضرر عنه، والحفاظ على مكتسباته، والمشاركة الفاعلة في خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
-
حثه على التحلي بأخلاقيات المسلم الواعي بأمور دينه ودنياه، وأن الله يجازي خيراً الساعي من أجل رفعة شأن الوطن.
-
تعزيز الثقافة الوطنية وبث الوعي بتاريخ الوطن وإنجازاته، بالأهمية الجغرافية والاقتصادية للوطن.
-
احترام القيادة السياسية للبلاد.
-
احترام الأنظمة التي تنظم شؤون الوطن وتحافظ على حقوق المواطنين وتسير شؤونهم، حسب التقييد بالنظام والعمل به.
-
تهذيب السلوك والأخلاق على حب الآخرين والإحسان لهم، وعلى الاخوة بين المواطنين.
-
حب الوحدة الوطنية، وحب كل فئات المجتمع بمختلف انتماءاتهم، والابتعاد عن كل الإفرازات العرقية والطائفية البغيضة، مع التأكيد على الفرق بين الاختلاف المذهبي المحمود وبين التعصب الطائفي المذموم.
-
حب المناسبات الوطنية الهادفة والمشاركة فيها والتفاعل معها، في خدمة المجتمع بالمشاركة في الأسابيع التي تدل على تعاون المجتمع.
-
التعاون مع أجهزة الدولة على الخير والصلاح، مع التأكيد على الابتعاد عن التعاون مع الفاسدين من أفراد وأجهزة، من منطلق قول الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان
-
الابتعاد عن المفاسد الإدارية والمالية ومقارعتها والسعي للقضاء عليها.
-
حب الدفاع عن الوطن ضد كل معتد عليه، والدفاع عنه بالقلم واللسان والسلاح.
-
العطف على المواطنين الضعفاء والمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وغرس روح المبادرة للأعمال الخيرية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
-
غرس حب العمل التطوعي، وحب الانخراط في المؤسسات الأهلية الخادمة للوطن.
دور الوالدين في تعزيز المواطنة الصالحة
يمكن للوالدين اتخاذ وسائل عدة لتكريس حب الوطن والمواطنة الصالحة في نفوس أبنائهم، نذكر منها ما يلي:
-
اغتنام كل فرصة للحديث المباشر مع الأبناء حول مقومات المواطنة الصالحة.
-
ترديد الأناشيد التي تدعو إلى فعل الخيرات والسعي لخدمة الوطن.
-
تزويد مكتبة المنزل بكتب وأدبيات وأشرطة صوتية تحتوي على المفاهيم المقومة للمواطنة الصالحة.
-
المشاركة مع الأبناء في رسم صور حول منجزات الوطن، ولصقها على جدران غرفهم.
-
قص القصص المحفزة على حب الوطن والمقومة لشخصية الطفل باتجاه المواطنة الصالحة.
-
التعريف بالوطن جغرافيا وبأهميته الجغرافية على خارطة بسيطة.
-
التعريف بصروح الوطن بأخذ الأبناء في جولات تشمل المواقع التاريخية والتراثية والمتاحف في البلاد، مع سرد قصة كل موقع منها
-
تنشئة الأبناء على العادات الصحية للمواطن المخلص لوطنه واحترام قواعد وأنظمة الأمن والسلامة، وأن يبينوا لهم بالأمثلة والشواهد المقربة إلى عقولهم بأن هذه الأنظمة والقوانين إنما وضعت لحفظ سلامتنا والحفاظ على مصالحنا وحقوقنا ولتسيير شؤوننا الحياتية.
-
توعية الأبناء والأحفاد بتاريخ وطنهم والتركيز على الجوانب المشرقة في هذا التاريخ.
-
تعريف الأبناء والأحفاد بالرموز الدينية والوطنية الذين طالما خدموا الوطن في الماضي في المجالات العلمية والدينية والاجتماعية وغيرها.
دور المدرسة في تنمية قيم المواطنة
فيجب أن تسعى المدرسة لتنمية المعرفة النظرية
بمفهوم المواطنة فتبين جملة الحقوق والواجبات التي أقرتها كل من الأديان
السماوية ودستور الجمهورية ، وتبين أهمية إدراك التلاميذ لهذه
الحقوق والواجبات كما يجب أن تغرس المدرسة في نفوس التلاميذ احترام الآخر
وقبوله ،وفي أطار المكون الوجداني لقيم المواطنة
يجب أن تسعى المدرسة بمجموعة من المواقف التعليمية سواء تلك التي تشمل
الأنشطة الصفية أو اللاصفية في تكوين اتجاه إيجابيا في نفوس التلاميذ نحو
هذه القيم بحيث تصبح جزء من تكوينهم الوجداني ومن سلوكهم مع أنفسهم ومع
زملاؤهم ،وحيث أن المواطنة كقيمة لها مكون اجتماعي يتمثل في كون الإنسان
كائن`, ذو صبغة إنسانية اجتماعية
لا يستطيع العيش بمفرده بل هو في حاجة ماسة لان يعيش وسط مجتمع يحقق فيه
الشعور والأساس بالانتماء ،وعلى المدرسة أن تنمي هذا الانتماء في نفوس
التلاميذ وان تخلق لهم جملة من الأنشطة التي تمكن التلاميذ من معرفة قضايا
مجتمعه والاهتمام بها والمساهمة المتواضعة في الأنشطة المجتمعية امن خلال الاتصال مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية .
.
وبالإضافة إلى ذلك ويتحدد دور المدرسة أيضا
في تنمية قيم المواطنة من خلال وجود إدارة تربوية تعي مفهوم التربية
الحديثة ،وتمارس أسلوب ديمقراطي في قيادة المدرسة وتعمل على خلق بيئة
تعليمية فاعلة من خلال نسج علاقات تواصل إنسانية وتربية مع المعلمين
والمتعلمين على حد سواء
وبخصوص دور المعلم في تنمية قيم المواطنة فأنه يتجسد عن طريق القدوة الحسنة أمام التلاميذ وقيامه بدور المربي
الفاضل الذي تتجسد في شخصية تلك القيم فهو أبعد ما يكون عن الديكتاتورية
بل يكون علاقة ودية مع تلاميذه ويحترم دواتهم ويعطف عليهم ويتلمس مشكلاتهم
ويحترم آرائهم ويتقبلها حتى يستطيع أن يساهم في تنمية الانتماء في نفوس
التلاميذ نحو المدرسة والذي بدوره يشكل أساس الانتماء الوطني ؛كما يقتضي ذلك تطوير قدراته ومعارفه خاصة في مجال طرق التدريس الحديثة .

المواطنة والديمقراطية
لا يخفى أن هناك تلازما طرديا بين المواطنة والديمقراطية فالمواطنة كانتماء عضوي بالدولة لا تحيى أو تتفعل دونما حاضن ديمقراطي لها يهبها الانتماء والاعتراف والتجذر فالعلاقة بين المواطنة والديمقراطية توأمة لأية تجارب تنتجها الجماعة السياسية المكونة للدولة .وذلك لكون الديمقراطية تقوم على أساس الاعتراف بالإنسان وحقوقه الأساسية من كرامة وحرية وإرادة كما تقوم على أساس حق المواطن في التعبير عن رأيه والمشاركة في وضع القرار . وهي كذلك تلزم المواطن بأداء واجباته تجاه الدولة والمجتمع .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا جزيلا علي تواصلكم معنا